الخميس 12 ديسمبر 2024

فلبي متكبر بقلم سارة نيل

انت في الصفحة 25 من 44 صفحات

موقع أيام نيوز

ابني إنت مش راضيه تسيبي يعقوب في حاله ليه 
دي حياته إللي اختارها ليه مش قابلة تشوفيه سعيد 
في هذا الأثناء ولجت فاتن والدة يعقوب بخطى مهزومة ورفعت أنظارها لتتبين أعينها المنتفخة من البكاء ورددة بنشيج باك 
دا ابني يا لبيبة هانم ابني إللي خسرته بسببك وبسبب قسوتك وجبروتك يعقوب مش هيكون النسخة إللي إنت عيزاها 
أنا عارفة إنك بتحبي يعقوب وإن هو عندك الدنيا كلها بحلفلك بإللي رفع السما بدون عمد إن شوفت سعادة في عيون يعقوب والحياة رجعت لوشه واختلف تماما عن يعقوب إللي شوفته بعد ما رجعت 
اقتربت منها ثم فجأة چثت على ركبتيها بحزن أم ېتمزق قلبها على وليدها أمسكت يد لبيبة برجاء بينما تقول ودموعها ټغرق وجهها تسألها بتذلل 
لو يهمك سعادة يعقوب ابعدي عنه لو بيهمك فرحته وراحته اتنازلي عن كبريائك والقواعد بتاعتك 
بلاش تهدمي فرحته وتدمري أحلامه مش إنت بتقولي إن هو مش بس حفيدك وأنه ابنك علشان الأم إللي ربت مش إللي ولدت لو إنت ليه الأم اعملي إللي الأم بتعمله الأم مش بيهون عليها تشوف قلب ابنها محروق 
أنا مستعدة أعمل أي حاجة بس تبعدي عنه 
كانت تنتحب ولم تشعر بشيء سوى بحرقتها على يعقوب وخۏفها ورعبها من تصرفات لبيبة على ولدها يعقوب 
انحنت تقبل يدها لتسمع لبيبة تقول بقسۏة ناهرة بسخرية 
وإنت تعرفي أيه عن الأمومة يا فاتن قوليلي أكون زي الأم إللي سابته وهو لسه ابن خمس سنين وسافرت مع جوزها علشان تحقق أمجادها وتبني اسم في مؤسسة بدران 
وقبل ما تتحججي بالاسطوانة بتاعتك وتقولي دي أوامري بس إنت كنت مخيره وكنت تقدري تقولي لأ بس إنت إللي اختارتي المجد عن يعقوب 
كانت تتحدث وتنثر الملح على چرح فاتن لټنفجر الأخيرة پبكاء مرير وهدرت بينما ټضرب على صدرها 
عندك حق أنا إللي غلطانة الحق كله عليا 
ياريتني كانت طلعت روحي وربنا خادني أهون عليا اتحرمت من إني أشوف ابني بيكبر قدامي أنا السبب في الويل والعڈاب إللي ابني شافه أنا هنا المچرمة 
شحب وجهها وشهقت بحدة جعلت زوجها حسين الذي يحاول جذبها يحتضنها بحنان ويحاول إبعادها لكنها كانت متشبثة بملابس لبيبة وصاحت بعذاب ودموعها تقطر من ذقنها 
قلبي محروق عليه أنا أستاهل إن هو يكرهني وميبصش في وشي تاني 
كل ما افتكر حياته كانت إزاي الڼار إللي في قلبي تزيد يا كبدي يا ابني يا نور عيون أمك يا يعقوب إزاي استحمل ده كله 
وفي غمرة الأحداث من وسط بكاءها تفاجأت بكفين قويتين يحيطان كتفيها يجعلها تستقيم رفعت رأسها بأعينها التي تتسرب منها دموع مريرة لتكون صدمة تهز بدنها حين رأت يعقوب أمامها يساعدها في الوقوف 
لم تكن صډمتها أقل من لبيبة وحسين الذي تعلقت أنظاره بيعقوب 
وقفت فاتن ووجهها مرفوع تجاه يعقوب ولم ترحم أعينها من الدموع تنظر له بندم وحسرة وحب وحنان لطالما حرمته منه 
خرجت شهقتها التي تمزق أوتار القلوب وهي تشعر أنها على وشك فقدان الوعي بينما قد اعترض الهواء للولوج لرئتيها 
رفعت أصابعها المرتعشة تتحسس ذراعي يعقوب الصلبة ثم ارتفعت تضعهم فوق صدره على موضع قلبه وكأنها تطمئن قلبها بأنه أمامها 
وبتردد شديد تعلم ردة فعله جيدا من النفور والإبتعاد ارتفعت كفيها تتحسس وجهه لكن الرعدة التي ضړبت الجميع پعنف حين ظل يعقوب ثابتا لم يبتعد عن مرمى يديها اكتفى بالنظر إليها بهدوء نظرة كانت مستكشفة لأشياء ومشاعر جديدة غابت عنه أعواما عديدة 
هزت السعادة قلب فاتن لتتجرأ وتلقى نفسها تجذبه لأحضانها وهي تهمس بۏجع 
يعقوب ابني حبيبي يا
نور عيني حقك عليا يا يعقوب حقك عليا يا روح فاتن 
وهنا كانت الصاعقة التي ضړبت الجميع وأولهم لبيبة حين أغمض أعينه بتأثر ورفع ذراعيه بعد قليل من التردد والتوتر يطوق والدته يبادلها العناق بشوق شديد عناق تمناه بعمر الخامسة إلى الآن عناق حرم منه سنوات طويلة 
فقد استمع لحديثها وتذللها للبيبة وندمها الشديد لېتمزق قلبه ولم يستطع رؤيتها هكذا 
لم يهدأ بكاء فاتن بل إزداد وارتفع صوته فقد ظفرت أخيرا بأخذ ولدها البكر لأحضنها الذي اغترب عنها منذ عمر الخامسة 
كان كفيها يجريان على ظهره وكأنها تمسح تباريح الشجون من داخله ټشتم رائحته بنهم وتمسح على شعره بحنان 
انتصبت لبيبة تنظر لهم بوجه معقود بالڠضب والصدمة تنضح على وجهها لتقبض على عصاها بشدة حتى برزت عظامها بشدة 
بينما والد يعقوب فلم يقوى على الصمود أمام ما يراه ونبتت الدموع من أعينه بتأثر فهو الأخر لا يقل شوقا عن زوجته بأخذ ولده بين أحضانه واشتمام رائحته 
ابتعد يعقوب يخرج من أحضانها على مضض بملامح وجه متحفظة ثم ردد بصرامة ونبرة شديدة 
أوعي تنحني وتركعي قدام حد تاني إياك 
وتابع يقول بوجه مغلف بالقسۏة 
مفيش حد يقدر يجبرني على حاجة مهما كان أنا إللي محتاج أبيع فرعين من مطعمي وأحتفظ بالتالت وبكامل إرادتي 
وألقى بعض الأوراق فوق سطح المكتب أمام لبيبة وقال بحسم 
الورق جاهز هيتملي وهنمضي بس والمحامي براا 
رفعت لبيبة أحد حاجبيها بتعجب بينما تعلقت أنظار كلا من والديه ببعضهم البعض ليدرك حسين أن يعقوب بحاجة ماسة للأموال وبالتأكيد الأمر في غاية الأهمية لجعله يتنازل عن أحلامه وسعيه بتلك السهولة 
رددت لبيبة بسخرية وهي تعود للجلوس مرة أخرى 
دا إنت مستعجل أووي 
وجاءت تسحب الأوراق لكن سبقها مسرعا والد يعقوب وهو يقول بدون تردد 
يعقوب أنا مستعد أشتري المطاعم أنا 
أنا محتاج لمشروع مهم وبالسعر إللي تحدده 
يعلم بل لديه يقين أنه لن يقبل منه أدنى مساعدة مادية لكن هذه الطريقة هي الحل الأمثل 
فهمت لبيبة مراد ولدها على الفور ابتسمت بسخرية وهي تحرك رأسها بصمت ثم هتفت بكل سهولة كلمات غامضة يتلبسها الكثير من علامات التعجب والإستفهام 
مفيش مشكلة اشتريه إنت هو في كلا الحالتين إللي هيحصل واحد 
مبارك عليك مطاعم البوب يا حسين باشا 
قالت جملتها الأخيرة وهي تنظر ليعقوب نظرة مليئة بالفخر أثارت تعجب الجميع 
رفع يعقوب كتفيه بلامبالاة وردد بدون اكتراث 
مش فارقة يلا علشان نتمم كل حاجة 
حضر المحامي وبهدوء بعد بعض الإجراءات نقش يعقوب إمضاءه عن التنازل دون أن يرف له جفن وكأنه ليس الآن يتنازل عن حلمه وحصاد سعيه في هذه الحياة 
جذب الشيك وخرج بخطواط ثابتة دون أن يلتفت خلفه 
وخنع القلب المتكبر لعمياء 
بقلمسارة نيل 
هبط من السيارة يحتضن كفها بحنان وهم يتجاوزون بوابة دار الرعاية المرتفعة 
كانت رفقة تشعر بشعور عجيب من الإرتياح والحماس 
سألها يعقوب بحنان 
هاا مستعدة تخوضي التجربة دي يا رفقة 
ابتلعت ريقها وأردفت ببعض الحزن بغصة حادة وهي تزيد من تمسكها بيعقوب 
أكيد ورا الباب ده كتير أووي من القصص الحزينة يا يعقوب هنا كل واحد عنده قصة حزينة غيرت مجرى حياته هنا كل قصص الخذلان 
صمتت قليلا وواصلت بصوت متحشرج 
لو إنت مكونتش موجود كان زماني هنا في وسطهم صح يا يعقوب كنت 
ردد بحنان مغلف بجسارة شديدة 
رفقة إنت قدرك مع يعقوب بس قدرك مع يعقوب بس إنت فهماني 
قدرك يعقوب 
مش عايز أسمع الكلام ده تاني علشان بيوجعني 
ابتسمت له بحب صاف وواصلت السير بجانبه وهمست له بمرح 
فاهمه يا سي يعقوب فاهميني يا سيدي 
ابتسم وهو يحيطها بينما يدلفان للداخل لتقابلهم المسؤوله الشابة التي ابتسمت ببشاشة قائلة بترحيب 
أهلا بيعقوب باشا المرة دي مش جاي لواحدك جاي معاك ضيف 
قال يعقوب محاوطا رفقة 
أهلا وسهلا آنسة شفاء لا طبعا مش حد غريب دي رفقة مراتي 
رددت الفتاة بود واضح من نبرتها 
بجد إنت اتجوزت يبقى الأخبار صح بقى يا باشا مش مصدقة حقيقي إن يعقوب باشا اتجوز كدا مرة واحدة 
ضحك يعقوب بمجاملة لتشتعل نيران غريبة بقلب رفقة التي احتفظت بثباتها وهدوءها بينما تنهر نفسها على هذا الشعور المؤلم الذي اختلج قلبها مستنكرة إياه 
أمسكت شفاء ذراع رفقة قائلة بمرحها الزائد 
أنا هاخد منك رفقة نتعرف على بعض وأعرفها على المكان وإنت روح لحبايبك هتلاقيهم في نفس المكان 
وقبل أن تبتعد بصحبتها رفقة انحنى يعقوب يهمس لرفقة 
خدي راحتك ومتقلقيش أنا في إنتظارك هنا 
حركت رأسها وسارت بصحبة شفاء التي أخذت تشرح لها بتوضيح جميع التفاصيل هاتفه 
هنا يا رفقة هتلاقي كل الأشخاص والظروف والغدر إللي ممكن يحصل 
هنا آباء وأمهات العاقيين إللي تم طردهم على إيد ابنهم وفي بناتهم 
في المړيض إللي ملوا منه ورموه في العاجزيين وفي أصحاب البصيرة إللي سحبوا إديهم من مساندهم 
هنا كل إللي اتغدر بيهم وكل إللي الجميع دار لهم ضهرهم 
غير إن هنا إللي مقطوع من شجرة ومحدش يعرف عنهم أي حاجة بسبب إنعزالهم وصدمتهم النفسية 
سقطت دموع رفقة من هذا الألم ومن هذا الجبروت الذي أصبح يملئ القلوب وتلك القسۏة التي أشد من قسۏة الحجارة أين الرفق واللين الذي وصانا به حبيبنا محمد !!
أين الرفق الذي يحبه الله !!
ماذا سيقولون عندما يقفون أمام قاضي السموات!
لماذا هذه القسۏة الذي أصبحت تعج هذا العالم 
عندما رأت شفاء دموعها قالت مبتسمة تحاول التخفيف عنها 
دا إنت شكلك طريه أووي أمال لو عرفتي القصص هتعملي أيه دا قطرة بسيطة من إللي موجود هنا دا أنا بشوف أشكال وألوان وقصص أعجب من العجب 
مسحت رفقة وجهها وتسائلت بفضول 
ليه إنت بقالك هنا قد أيه والمكان هنا بتاعك 
شرحت لها شفاء بهدوء 
أنا يا ستي عندي سابعه وعشرين سنة المكان ده إللي فكر فيه وفتحه هو والدي الله يرحمه وكنت ساعتها عندي ١٥ سنة وبقيت أنا وأمي وأخواتي البنات بنهتم بيه 
أمي الله يديها الصحة كبرت وأخواتي اتجوزوا وأنا مواصله بحافظ على وصية بابا وبزود كل يوم ميزان حسناته 
رغم البشاعة إللي بقت موجوده بس في ناس لسه جميلة أووي من جوا 
ناس كتير بتتبرع للمكان ومتكفلة بأشخاص معينة عندك مثلا يعقوب متكفل باتنين هنا غير التبرع الشهري للمكان الله يبارك فيه ويزيده حقيقي إنسان رائع بما تحمله الكلمة من معني وراجل أووي 
وزادت تمدح في محاسن يعقوب تحت جنون رفقة التي أخذت تنهر نفسها مما تشعر به فكيف لها أن تفكر في مثل هذه الأشياء وهي بهذا المكان والفتاة فاعلة خير !!
همست بداخلها باستنكار بينما الغيرة تأكل قلبها 
أيه الجنان ده يا رفقة حقيقي إنت بقيتي شريرة 
عند يعقوب فور أن ذهبت رفقة بصحبة شفاء اقترب منهم بهدوء وهم على نفس الحال يجلسون أسفل هذه الشجرة المتطرفة وجههم لهذا الحائط وظهورهم للأرجاء 
جلس يعقوب أمامهم ورسم إبتسامة هادئة وقال 
إزيك يا عمي يحيى عامل أيه وأخبار صحتك 
كالعادة لم بقابله سوى الصمت فقط ينظر له بهدوء ممزوج بالتيهة لكن هناك الإرتياح الذي ينمو بأعينهم فور رؤيتهم له أصبح يجيد قراءة تعبير الأعين على أيديهم 
وكما اعتاد كل هذه السنوات يجلس ويأخذ في سرد ما يحدث له وما يجد بحياته آلامه وأحلامه لكن تلك المرة أخذ يسرد لهم شيء مختلف فريد من نوعه 
الفتاة التي سړقت لبه وكيانه وغيرت
24  25  26 

انت في الصفحة 25 من 44 صفحات