الخميس 12 ديسمبر 2024

فلبي متكبر بقلم سارة نيل

انت في الصفحة 19 من 44 صفحات

موقع أيام نيوز

أنامله بحنو فوق كفها يحتويه وجعلها تستقيم وهو يقول 
مش عايزك تتخلصي منها أبدا ووعد هاجيبلك آيس كريم بالحليب كل يوم 
تشبثت هي بذراعه وهي تتسائل بينما يسيران 
هنروح فين تاني !
لسه الليلة طويلة يا أرنوبي 
ولج لأحد المولات المتكاملة غافلا عن هذا الذي يتبعه منذ خروجه ويلتقط الصور بدقة بكل وضع وكل تصرف 
ردد يعقوب وهو يصف لها كل قطعة من الملابس المعروضة لتسرع هي تقول باعتراض 
يعقوب حقيقي أنا مش محتاجة هدوم أنا عندي 
أخذ يعقوب بيدها وهتف بحسم 
تمام يا رفقة هتختاري ولا أختار أنا وألبسك على مزاجي 
زفرت بإحباط ورددت 
إنت عنيد أوي ومش بتسمع الكلمة 
ابتسم يعقوب قائلا بمزاح 
ماشي يا ماما رفقة لما نرجع البيت ابقي عاقبيني 
بدأت تنتقي الملابس بصحبته وهو يصف لها كل قطعة بدقة ويحتضن ملامحها طول الوقت بعينيه فكان يعقوب بمثابة عيناها 
هتفت باعتراض وهو يجعلها تجلس فوق الأريكة بمنتصف متجر الأحذية 
كمان جزم يا يعقوب صدقني أنا مش محتاجة 
إنت عارفة إني مشاغب ومش بسمع الكلمة فريحي نفسك وقوليلي بتحبي أي إستايل في اللبس 
تنهدت وهي تحرك رأسها بمعنى لا فائدة وقالت 
أي حاجة بس المهم مش تكون حاجة مكشوفة وتبين رجلي 
اقترب حاجباه متسائلا بغرابة 
ليه اشمعنا يعني!!
أجابته بتلقائية 
علشان طبعا رجلي مش تبان لأن ميصحش مينفعش يبان مني ألا الوجه والكفين 
حتى أبسط المعلومات عن الدين كان يجهلها يعقوب لكن ها هو يشرع في التعلم من الصفر على يد رفقة 
حرك رأسه وهو يشعر بالخجل بداخله ويتأمل رفقة بفخر وعشق فهي أصبحت تضع النقاط على حروف أبجديته المفقودة 
انحنى يعقوب يجلس على عقبيه أمام رفقة يساعدها في إرتداء الحذاء تحت إعتراضها الخجل 
وضع قدمها فوق ركبته وأخذ بالحذاء يلبسه لها وفي هذا الموضع ألتقطت العديد من الصور التي ستنشب الحړب بسببها 
كانت العاملتات يتهامسان وهم يتأملون يعقوب بصحبة رفقة همست إحداهن 
ما شاء الله شوفي حنيته عليها شكله بيحبها 
أجابتها الأخرى تقول 
ربنا بيعوض يا بنتي وهي واضح إنها بنوتة رقيقة وتستاهل هي مش ناقصها حاجة علشان تعيش حياتها سعيدة كفاية التخلف إللي بقاا في المجتمع 
بعد ليلة محملة بالكثير من المرح عاد يعقوب ورفقة للمنزل لترتمي هي فوق الأريكة بتعب وارتمى يعقوب بجانبها لتقول هي برأس ثقيلة 
تعبت أوي رغم إنها ليلة جميلة حقيقي مش قادرة أصلب راسي بس لازم أقاوم علشان اقوم أصلي 
للحظات تخشب جسد يعقوب لكنه قال مشجعا 
طب يلا قبل ما النوم يغلبك 
انتصبت واقفة وقالت بحماس 
عندك حق يلا هتوضى وأصلي 
سحبته من شروده قائلة 
يعقوب ممكن نصلي سواا 
صمت قليلا وقلبه يطرق بشدة نعم هو لم يحظى من جهة لبيية بتعلم تعاليم دينه وقد كان بين الحين والآخر يؤدي صلاة الجمعة لكن الآن يشعر بتعطش شديد لتلك الروحانيات وقد أثارت رفقة تلك الرغبة والمشاعر بداخله 
حرك رأسه بإيجاب وأردف 
أكيد دقيقة أتوضى 
أتى إليها بعد عدة دقائق وقطرات الماء تتساقط من فوق وجهه مرورا بلحيته ليراها تقف بحماس وسعادة 
تنحنح في خشونة وغمغم 
يلا 
تحركت بحماس وأخذت تخبره وهي تحرك كفيها أمام وجهها 
بقولك يا أوب أيه رأيك نبدأ نعمل تحدي مع بعض كل يوم ونشوف مين هيكسب في أخر اليوم 
هنبدأه من بكرا والتحدي هو إللي يصلي الصلاة في ميعادها يعني نشوف مين إللي هيصلي الأول أول ما الأذان يأذن وإللي هيتأخر هو الخسران 
وأكملت تقول 
والتحدي التاني إننا نبدأ حفظ قرآن ونسمع لبعض من بكرا ونبدأ بجزء النبأ 
وإللي مش هيطلع حافظ يوم هيتفرض عليه عقاپ ويطلب من التاني إللي هو عايزه 
أيه رأيك 
فطن أنها تريد جذبه للمسار الصحيح وهذا ما بدأ يسيطر عليه جذب كفها وأخذ يطبع العديد من القبل بباطن كفها وهمس لها 
طبعا موافق واستعدي للخسارة يا أرنوبي 
قفزت بحماس وهتفت 
استعد إنت للخسارة يا أوب دا أنا عندي أفكار وحاجات كتيرة أووي نفسي نجربها سواا 
هنخوضها سواا وهنزود عليها كتير أنا مشتاق لكل إللي منك يا رفقة 
تسائلت تواري عن خجلها 
أمال فين رينبو 
نايم في القفص بتاعه 
تمام يلا نصلي بقاا وتبقى إنت إمامي 
ابتسم يعقوب على سعادتها وتقدم وشرع في الصلاة يتلو قصار السور الذي كانت تحرص والدته على تحفيظه إياها وهو في سن الخامسة فباتت محفورة بقلبه وعقله 
كانت رفقة تطوف في سماء السعادة وهي تقرر بداخلها بأنها ستكون له سراجه المنير وسط العتمة وقارب نجاته الذي سيرسو به على شاطئ السکينة والعوض ستكون له كل شيء وتستسير معه من بداية الطريق 
وعند سجودها تقدم هو كل دعائها ودثرته بدعاء ذاخر وذكرته في رجاءها لربها 
فور إنتهاءهم من أداء الركعتين ارتكزت رفقة على ركبتيها وجلست بجانب يعقوب ثم سحبت يده وهي تهمس 
تقبل الله 
ابتسم وهو ينظر ليده التي بين يديها وقال 
منا ومنكم 
ترقب يعقوب تصرفها فأدهشته عندما بدأ تسبح على أنامل يده فخفق قلبه بشدة لتلك الفعلة ليمسك على قلبه أن يطير 
توسعت أعينها التي يحيطها كحلها السميك تنظر لأخر شيء توقعت رؤيته أمامها 
احترق قلبها بألسنة نيران الڠضب وهي تنظر ليعقوب الذي ينحني عند قدم تلك الفتاة بتلك الراحة والسهولة 
العديد من الصور لكن تلك من أشعلت النيران بقلبها ودماءها 
قبضت على عصاها بشدة وكشرت عن أنيابها ثم همست بنبرة غريبة 
ماشي يا يعقوب ماشي 
بالمشفى التي ضاقت ذرعا بعفاف التي تجلس فوق الأرض الصلبة الباردة بين ابنتيها وترى بتحسر الحالة التي أصبحوا عليها والصرخات التي تشق صدرها 
وقف زوجها عاطف فوق رأسها يرمقها پغضب وصاح بغل 
حسبي الله ونعم الوكيل ربنا ما يكسبك يا عفاف كله بسببك يا مچرمة ضيعتي ولادي ربنا ينتقم منك 
إلهي كنت إنت وارتحنا من قرفك 
أنا مكونتش أتوقع توصلي للدرجة دي تسرقي فلوس بنت غلبانة كفيفة وتنصبي عليها وترميها في شقة مهجورة وسط الكلاب 
ربنا انتقم منك ورد حقها بس للأسف كان في بناتي إللي خليتي قلبهم مليان بالحقد وبوظتي تربيتهم 
أنا كنت فين من ده كله عمري ما فكرت إنك ممكن توصلي للدرجة دي 
لم تقوى على نبذ كلمة واحدة بل إنها لم تستمع لحديثه من الأساس فقط الدموع التي لم تتوقف عن الجري فوق وجهها تتأمل ابنتيها بينما شرارات الحقد بدأت تنمو من حزنها وهي تهمس بداخلها بغل وحړقة 
كله بسببها بسبب الحقېرة رفقة 
بناتي اتدمروا وهي عايشة حياتها بالطول والعرض طالما بناتي بقوا كدا يبقى مش هسيبها أبدا ولا أرتاح ألا ما أشوفها زيهم 
انبلجت شمس يوم جديد بحماس جديد 
أدى يعقوب ورفقة صلاة الفجر بموعدها وجلسوا سويا حتى شروق الشمس ليغفوا ساعتين واستيقظ يعقوب بطاقة يحضر وجبة الإفطار ليتناولوها في جو مليء بالمرح 
وقف يعقوب عند الباب ليقبل وجنتي رفقة هامسا 
مش هغيب عليك يا أرنوبي ساعتين وهرجعلك موبايلك جمبك وعرفنا إزاي نتصل لو في أي حاجة كلميني ومتتحركيش من غير العصايه علشان متتخبطيش إحنا بقينا عارفين تفاصيل الشقة كويس صح 
ابتسمت على مخاوفه وأردفت تقول تطمئنه وهي تتلمس يده بحنان 
مش تقلق يا أوب وأصلا نهال جايه بعد شوية 
قبل رأسها قبل أن يقول 
خلاص يا أرنوبي يلا سلام 
تنفست بعمق وهي تكتم توترها وحزنها من خروجه وتركه لها وهمست برقة 
في رعاية الله 
أغلقت الباب وسارت بحذر نحو الأريكة وهي تجذب كتابها تتحسس بأصبعها وتقرأ لتلهو عقلها عن غيابه 
بعد مرور نصف ساعة كانت رفقة غارقة في القراءة لكن انتشلها رنين جرس الباب وهج قلبها وتوسعت إبتسامتها بسعادة لمجيء صديقتها نهال وهي تتجه باندفاع وتحمس نحو الباب الذي أصبحت تعلم طريقه جيدا 
فتحت الباب بلهفة وهي تهتف بإبستامة واسعة 
نهال 
قابلها الصمت العقيم لتمحق وتتبدد إبتسامتها من فوق وجهها ويتبدل مكانها الذعر وهي تعود للخلف بفزع حين اخترق أسماعها هذا الصوت ذا النبرة القاسېة الشديدة والذي جعل قلبها يرتجف 
لأ لبيبة هانم بدران 
بردت رفقة من حدة توترها ورعدة قلبها وأفسحت المجال تبتعد عن مدخل الباب وهي ترقش إبتسامة عريضة فوق فاهها أثارت بها غيظ عفيفة دون قصد بينما قالت بإحترام رغم أعصابها المهتاجة من هذه المواجهة 
اتفضلي يا نينا لبيبة 
توسعت أعين لبيبة في حدة ورمقتها پغضب وتلك الإبتسامة تثير حنقها واكتفت لبيبة بالصمت ثم دلفت للداخل حتى جلست على أحد المقاعد بشموخ ورأس يكاد يلامس عنق السماء من قدر الكبر الذي يملئها 
لكن رغما عنها رفعت أعينها تراقب رفقة التي أخذت تتحسس الأرجاء حتى وصلت للأريكة وجلست عليها بهدوء وقد بدى عليها التوتر 
ظلت لبيبة تتأملها بدقة من أعلى لأسفل حتى التقطت خيط الكلمات تقول بنبرة جافة وهي تبعد أنظارها أمامها عن رفقة قسرا 
أكيد أنا مش جايه أباركلك بيعقوب أنا هقول كلمتين واسمعيهم كويس أوي وبتركيز 
وصمتت برهة لتبتلع رفقة ريقها بتوتر لتتصاعد موجة كلمات لبيبة الحادة مرة أخرى تقول بوجه معقود 
عرفت عنك إنك بنت كويسة 
وبما إن قلبك طيب زي ما بيقولوا فأكيد مش هترضي ليعقوب الضرر ولا أيه 
اضطربت رفقة وجاءت تسرع تقول بلهفة 
أكيد 
قاطعتها لبيبة بحدة 
أنا لما بتكلم محدش بيقاطعني إنت تسمعيني وبس 
يعقوب بدران هو حفيدي الكبير والوريث لكل شغلنا وجموعاتنا دا مستقبله وحياته الطبيعية 
أكيد مش هترضي إن يتحرم من مكانته ومن جميع أملاكه 
بجواز يعقوب منك هيبقى لا مستقبل ولا مكانة ولا أي شيء حتى سلسلة المطاعم إللي أنا ساكته عنها مش هيبقى ليها وجود 
هيبقى صفر اليدين من كل شيء إنت دلوقتي واقفه في طريقه 
طريق جوازته إللي مستنياه وإللي مصلحته فيها المفروض يعقوب متحدد جوازه من بنت رجل أعمال كبير وإنهاء خطة الجواز دي هتبقى عواقبها مش خير أبدا 
يبقى الأحسن لو إنت شخص كويس تسيبي يعقوب لحياته 
دا أنا بكلمك بطريقة
مش بستخدمها ومتضطرنش استخدم طرق تانية لأن مهما كان التمن مش هتكوني ليعقوب لأن ده غلط أنا مش هسمح بيه مستحيل 
كانت تتحدث بقسۏة شديدة انهمر شظاياها على قلب رفقة كلسعات سعيرية وجفت دماءها من هذا الټهديد شديد اللهجة 
ورغم هذا أردفت رفقة بشجاعة تحسد عليها وإيباء ممزوج باللين في محاولة لإقناع لبيبة 
إنت إللي بتعمليه ده غلط كبير يا نينا لبيبة يعقوب مش صغير لطريقة تحكمك دي فيه هو يقدر ياخد قراراته بنفسه وميعملش حاجة هو مش عايزها أو مجبور عليها 
الجواز أبدا مكانش مصلحة ولا مجرد صفقة زي صفقات الشغل الجواز حب ومودة واختيار ورضا 
سيبيه يعمل إللي هو عايزه وبلاش القيود دي صدقيني مش مستاهلة ولا الدنيا مستاهلة المشاكل ولا كل الوقت إللي بيعدي وهو زعلان وبعيد عنك 
حاولي تسمعيه وتسبيه براحته وهتعيشوا مع بعض في جو هادي حاولي بس مرة واحدة مش هتخسري حاجة 
قالت رفقة ما بداخلها وما تؤمن به دون أي تحفظ لتشتعل لبيبة غيظا استقامت بجمود ثم أردفت ببرود 
أنا نبهتك وعليك إنت تختاري لإما تمشي بكل هدوء أو استخدم أنا طرقي 
ولو عايزه رأيي فأختاري الأول علشان خاطر يعقوب قبلك 
ورحلت تاركة رفقة في صډمتها متخشبة من عدم تأثر لبيبة بحديثها ولو قليلا 
أحاطها اليأس وارتجف قلبها ړعبا من نبرة حديث
18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 44 صفحات