الخميس 12 ديسمبر 2024

رحله آثام

انت في الصفحة 34 من 78 صفحات

موقع أيام نيوز


بانفعال من بين
بكائها المتحسر
منك لله إنت وأخوك قهرتوني وكسرتوا كل حاجة فيا ربنا ينتقم منكم.
رمقها بنظرة مهمومة فاستمرت على صياحها اللائم
عملت إيه فيكم عشان تهدوني بالشكل ده
هزت رأسها في استنكار واعترفت له في نزق غير نادمة عليه لتجعله يزداد إشفاقا بها
يا ريتني ما وافقت أتجوزك يا ريتني!
بعد أن ذاع الخبر وعرف الجميع عن إصابته المفاجأة تحول خارج غرفته بالمشفى الخاص إلى ما يشبه أحواض الزهور فقد امتلأت الردهة بباقات مختلفة الأحجام والأنواع من الورود كنوع من إرسال التهنئة والمباركة على تماثل رجل الأعمال الشهير للشفاء من أزمته المړضية الأخيرة. لجأ مهاب للاستعانة بأفراد من الحراسة المدربين لمنع دخول أي فرد لحجرته دون إذن مسبق منعا لتطفل رجال الصحافة المزعجين وكذلك لعدم إرهاقه بالزيارات الكثيرة. استاء سامي مما اعتبره تصرفا فظا ولا يليق بمكانة العائلة فعنفه في غرفة مدير المشفى الماكث بها

إنت مفكر نفسك مين عشان تتصرف كده
لم يرفع رأسه عن التقارير التي يراجعها وخاطبه في برود
اللي فيه الصح للباشا أنا هعمله.
اغتاظ سامي من عجرفته المستفزة فطرق بقبضته المضمومة على السطح الزجاجي بعصبية جمة ليدفعه على النظر إليه حينها فقط هدر في صوت غاضب
إنت عارف مين أصلا جاي يشوفه دول وزراء وكبار رجالة البلد.
تطلع إليه بنظرته المتعالية وأردف في تساؤل غير مكترث
وإيه يعني
استمر سامي في الھجوم عليه فقال باحتقار ظاهر على وجهه وكذلك في نظرته إليه
شكل جوازك من البت الكحيانة دي غيرك وخلا مخك يفوت فما بقتش عارف قيمة الناس اللي بنتعامل معاهم!
نهض مهاب قائما بعدما ترك ما فيه يده وحذره بنظرة صارمة
ما بلاش تغلط!
ثم دار حول المكتب وتقدم تجاهه حتى وقف قبالته حينئذ تابع إنذاره له وهو يضع كفه على كتفه
زعلي وحش يا سامي.
نفض الأخير قبضته عنه في نفور وزمجر فيه پحقد
نزل إيدك.
حدجه مهاب بنظرة مستخفة ليردد بعدها بما أغاظه في الحال كعهده معه وبهدوء واضح
ممم .. قول إنك غيران مني عشان بعرف أعمل اللي أنا عاوزه وإنت لأ.
صاح به في عصبية مستعرة
أنا مش فؤاد باشا اللي سهل تضحك عليه بكلمتين فيصدقهم.
سدد له نظرة هازئة قبل أن يسأله في سخرية
طب ما إنت معاه طول الوقت ليه معرفتش تكسبه في صفك 
اندلع غضبه أكثر بداخله وصاح فيه مغتاظا 
بلاش هلفطة أنا أكتر واحد عارف وساختك وألاعيبك ولحد النهاردة أنا مش عاوز أدمرك وعمال أداري عليك.
سخر من محاولته غير الموفقة للمزج بين مواضيع شتى لإظهاره بمظهر الشخص الأهوج الأرعن وغير المسئول ورغم ذلك قابل انفعاله المحتد بنفس البرود الهادئ حين رد
وإيه اللي منعك!
ناطحه الرأس بالرأس قائلا بوجه محموم بغضبه
ما تتحدانيش!
ضحك مستخفا به ليعلق بعدها
صدقني إنت اللي هتخسر مش أنا.
واصل سامي هجومه غير المبرر عليه زاعقا في تعصب
إنت ولا حاجة من غير لقب الجندي!
لم تتغير نبرته مطلقا وهو يخبره عندما سار عائدا إلى المكتب مجددا
صح بس صدقني اسم مهاب الجندي برضوه معروف حتى لو إنت عامل نفسك مش واخد بالك.
جمع مهاب التقارير المفرودة على سطح المكتب واستعد للمغادرة فسأله سامي بنبرته المتشنجة
إنت رايح فين أنا مخلصتش كلامي لسه!
لاحت على زاوية فمه ابتسامة متهكمة ليسترسل بعدها بتعال صريح
بس أنا خلصت...
كاد على وشك النكاية به لكنه أخرسه بإشارة من سبابته
مش عاوز أسمع حاجة تاني بس يا ريت لما ترجع تتخانق معايا توطي صوتك ما تنساش احنا في مستشفى وفؤاد باشا مش هيكون مبسوط لما يسمع عن خناقنا هنا!
كظم سامي حنقه مرغما وشيعه بنظرة ڼارية ثائرة في حدقتيه
إلى أن انصرف آنئذ كور قبضته في الهواء وتوعده بين نفسه في كراهية لا تكف عن التعمق أكثر فيه
بكرة هتندم وأنا عارف الطريقة إزاي!!
يتبع الفصل السادس عشر
الفصل السادس عشر
مکيدة ساذجة
غادر الجميع تباعا تعلو وجوههم الفرحة والاعتزاز لكنهم تركوها غارقة وسط إحساسها بالمهانة والانكسار لم تجد اليد الحنون التي تطبب من چراحها أو حتى تهون عليها صعوبة ما اختبرته ولم تشعر بالأمان في حضور من أصبح زوجها كان كأنه لم يكن من الأساس تخلى عنها وانساق وراء ما رغب فيه الآخرين. سالت دموعها أنهارا فبللت كامل وجهها وأفسدت زينتها فأصبحت قبيحة المنظر ومع ذلك لم تكترث للحظة فما أصابها مزقها من الداخل قبل الخارج. 
وقف عوض على باب غرفة النوم حائرا مترددا لم يعرف ما الذي يجب عليه فعله لاسترضائها وتعويضها عما مرت به تطلع إليها من موضعه مليا وبإشفاق حزين كانت منكمشة على نفسها توليه ظهرها ترتجف إلى حد ما صوت بكائها المسموع إليه حز في قلبه بشدة نكس رأسه بعدما هزها يمينا ويسارا أسفا عليها. استجمع الكلمات في رأسه وتكلم سائلا إياها بحذر
إنتي كويسة دلوقتي
استشعر سخافة سؤاله فكيف لها أن تصبح في أحسن حال وهي منخرطة في نوبة بكاء عڼيفة تدارك خطئه ولم يتوقع أن ترد عليه يكفيها ما هي فيه الآن ازدرد ريقه وتابع
حقك عليا أنا لو كان بإيدي مكونتش خليت حد يجي ناحيتك بس حكم القوي!
ارتفع صوت نحيبها فأحس بالندم أكثر فقال مغيرا الحديث
أنا هسيبك على راحتك نامي على السرير وأنا هفضل برا.
لم تنظر فردوس تجاهه بل أحنت رأسها لتخبئها بين ركبتيها المضمومتين إلى صدرها وواصلت بكائها المرير. شعوره بالذنب تضاعف فلم يكن أمامه سوى الفرار من هذا الإحساس القاټل

فأنهى حواره أحادي الجانب قائلا بعدما التقط منامته من على طرف السرير
لو عوزتي حاجة نادي بس عليا.
انسحب في هدوء وأغلق الباب ورائه ليعطيها مساحة من الخصوصية لكن في الحقيقة كان يريد الهروب من هذا الجو الخانق المعبأ بكل ما هو موجع لكليهما!
لم تتوقف عن معاتبة نفسها منذ عودتها إلى المنزل فإحساسها بالذنب تجاه ابنتها كان ينهشها بشدة بكت في صمت كلما استحضرت في ذهنها طيفها وهي تستجدي عاطفتها الأمومية لنجدتها ممن لكنها ظلت أمام رجاواتها الحاړقة كتمثال من الحجر لا تحرك ساكنا تخلت عنها وتركتها للأيادي الغريبة تكشف سرها على أمل أن تبتهج في النهاية بعفتها لكنها لم تفعل حينما تم الأمر كانت تحترق لأجلها ينفطر قلبها حزنا على اغتيال فرحتها. نظرت عقيلة إلى شقيقتها الماكثة معها في بيتها مطولا كانت الأخيرة مسترخية لا يبدو بالها مشغولا بشيء لذا استطردت قائلة بصوت شبه مخټنق وكأنها تؤنبها
مكانش لازم نعمل كده كسرنا فرحة البت وآ...
قاطعتها أفكار ببرود مغلف بالقساوة
لأ ياختي ده كان ضروري أومال نسيب الناس تتكلم وتألف حوارات أهوو كله كان على عينك يا تاجر.
ضاقت عينيها في استنكار واضح فهذه لم تكن أحلامها بشأن زيجة ابنتها ومع ذلك لم تلق أفكار أي بال لأحزانها بل أضافت في زهو مغيظ
ده إنتي حقك دلوقتي تحطي صوابعك في عين أي حد يفتح بؤه بنص كلمة عنها.
اعترفت لها وهي تمسح بطرف كم عباءتها المنزلية دموعها التي تملأ صفحة وجهها
صعبانة عليا أوي حاسة إني كسرتها.
ضحكت في استهزاء قبل أن تقول بابتسامة سخيفة
علقة تفوت ولا حد ېموت...
ثم مالت ناحيتها وغمزت لها في شيء من المكر
دي زمانها غرقانة في العسل وجوزها مدلعها.
لم تبد عقيلة مطمئنة لهذه الدرجة فالألم لن يمضي على خير كما تظن خاصة ما يؤثر بالنفس. انتبهت مجددا لشقيقتها الكبرى وهي تخاطبها بعدما
نهضت من موضع جلوسها
بينا نعملها فطور العرسان.
تبعتها في خطوات متعبة ولسانها يهمهم داعيا
ربنا يهدي سرك يا بنتي ويريح بالك!
كان من غير الطبيعي بالنسبة له الذهاب هكذا ببساطة وتركه وهو لا يزال في هذا الوضع الصحي الحرج قرر مهاب إرجاء سفره لمدة غير معلومة وملازمة والده ريثما يتماثل تماما للشفاء وكذلك ليبقي عينيه على شقيقه الأكبر الذي على ما يبدو يكيد له بعض المكائد الخبيثة لإفساد ما بينه وبين أبيه على أمل أن يحظى بمكانة عالية لديه ويفوز بالكعكة كاملة ودون نقصان. راجع مرة ثانية ما لديه من أوراق وتقارير وهو جالس بالمكتب الذي تم تجهيزه له في هذا المشفى الاستثماري الضخم ليكون خاصا به خلال أدائه لعمله كطبيب متخصص في الجراحة هنا. قاطع انشغاله في كتابة بعض الملحوظات الضرورية اقټحام سامي للحجرة دون استئذان ليهاجمه كالعادة بالمستهلك على الأذن من عبارات الټهديد السقيمة لم يغلق الباب خلفه وسار مختالا ناحيته وهو يردف بسخرية مستفزة
ده أنا فكرتك حاجز أول طيارة ومسافر.
رفع مهاب بصره تجاهه ثم نظر إليه شزرا ليعلق بعدها مستخفا به
للأسف تخمينك مش في محله أنا مش مسافر.
لم ينجح هذه المرة في استثارة أعصابه بل بدا سامي هادئا للغاية وهو يسأله في تهكم
معقولة تسيب حياة الرفاهية والأضواء وتفضل معانا
رد عليه بما جعل قناع البرود الزائف يسقط في التو
فؤاد باشا يستاهل إني أضحي بكل حاجة عشانه ما تنساش أنا المفضل عنده.
لم يتمكن من ضبط انفعالاته طويلا أو السيطرة على ردة فعله التي يسهل استفزازها سرعان ما صعدت الډماء إلى رأسه فصاح في صوت شبه محتد
من إمتى الحنية دي أنا أكتر واحد فاهمك.
قال مصححا له بنفس الوتيرة الهادئة
إنت أكتر حد ماتعرفنيش.
اشټعل وجهه بغضبه وأطلت من عينيه نظرات كارهة حاقدة ترك مهاب ما بيده جانبا لينهض من على مقعده قائلا
رأيي يا سامي بدل ما تركز في اللي بعمله ركز في حياتك إنت.
انفلتت منه صيحة حانقة
إنت هتعرفني أعمل إيه ومعملش إيه نسيت نفسك ده أنا مداري على كل بلاويك.
وقفت مهاب في مواجهته لا يبدو على ملامحه أدنى تغيير بينما استمر سامي في إطلاق سهام غضبه المحموم عليه
ولا تكون فاكر إنك بكلمتين هتضحك على فؤاد باشا ويرجع يصدقك من تاني!!
ابتسم له شقيقه الأصغر بغير اكتراث ليجعل بذلك نيران الغيرة تأكله أكثر ثم تكلم إليه وهو يربت على جانب ذراعه
اعمل اللي إنت عاوزه في النهاية كل اللي يهمني صحة بابا وسلامته.
استشاطت نظراته بشدة فقابلها مهاب بابتسامة وديعة واثقة قبل أن يوليه ظهره ليسير عائدا تجاه مكتبه التقط أحد الملفات من على سطحه وقال وهو ينظر إليه من طرف عينه
مضطر أسيبك تهري مع نفسك وأشوف اللي ورايا هنا.
بدا وجه سامي محمرا للغاية عاكسا لما يستعر في داخله من حقد مشوب بالغيرة العظيمة تابع مهاب سيره نحو الباب قائلا بلهجة شبه آمرة
ابقى اقفل الباب بعد ما تطلع.
انتظر ذهابه ليلعنه
غبي مفكر نفسه مسيطر على كل حاجة.
اتجه إلى حيث الهاتف الأرضي أمسك بالسماعة ولف القرص الدوار محدثا نفسه
استعد بقى لنهايتك.
أمضى الليل غافلا على الأريكة في صالة بيته فشعر حينما استيقظ بتيبس فقرات عنقه وپألم متفرق في أنحاء جسده المتعب مسبقا. كان وجهه مرهقا أسفل عينيه شبه أسود فقد بقي يقظا لما بعد الفجر بقليل إلى أن غلبه النعاس وسقط نائما صريع الإنهاك. تمطى
 

33  34  35 

انت في الصفحة 34 من 78 صفحات