الخميس 12 ديسمبر 2024

فلبي متكبر بقلم سارة نيل

انت في الصفحة 8 من 44 صفحات

موقع أيام نيوز

ومدت قدمها بهدوء وحذر للأمام للتفاجئ بقدمها معلقة في الهواء شهقت پخوف وهي تعود للخلف مسرعة بړعب 
إذا الشرفة ليس لها جدار!!!
عادت رفقة تزحف للخلف وأخذت تغلق باب الشرفة بإحكام 
كانت تتنفس بسرعة وصدرها يعلو ويهبط لتجثم على ركبتيها باكية وتهمس بإمتنان 
شكرا يارب اللهم لك الحمد يارب العالمين إنت أنقذتني يارب لولا الهوا إللي حسيت بيه شديد على رجلي كان زماني دلوقتي 
صمتت وهي تتخيل الموقف لتغطي وجهها بكفيها باكية وتقول من بين شهقاتها 
كان زماني وقعت دلوقتي من البلكونة 
لطفك يارب اللهم لك الحمد حمدا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك 
لكنها تذكرت شيء لتقول باستنكار 
إزاي طنط عفاف مقاليتش حاجة زي دي ليا إزاي مش تحذرني وأكيد هي شايفة الشقة !!
تنهدت بثقل لتقول وهي تتحسس ساعة اليد الخاصة بها 
دلوقتي أنا فاتتني صلوات أصلي إزاي دلوقتي لا أعرف اتجاه القبلة ولا مكان الحمام 
ربنا يسامحني بقاا وإن شاء الله لما طنط عفاف تيجي بكرا هخليها تعرفني على الشقة وقبلة الصلاة وهصلي إللي فاتني 
دلوقتي أسلم حل إن أنام علشان أنا تعبت جدا 
وسارت تتحسس الأرجاء حتى وجدت الفراش تمددت فوقه بعد أن أزالت حجابها وتركته جانب رأسها لكنها وجدت الفراش بدون شرشف ولا دثار 
استقامت تبحث عن أي غطاء لكن دون فائدة لا شيء 
زفرت بإحباط قائلة 
دا حتى شنطة هدومي مش عارفة طنط عفاف حطيتها فين علشان أغير لبسي !!
تحسست ملابسها لتخرج هاتفها وظلت تضغط على الأزرار لكن لم يصدر عنه أي صوت لتكتشف نفاذ البطارية 
كمان خلص شحن دلوقتي مستحيل أوصل لمكان الشاحن ومش عارفة إذا كان في شنطة الهدوم ولا طنط عفاف نسيته 
بعد أن يأست من الوصول لشيء تمددت فوق الفراش متكومة على نفسها وتحتضن جسدها بذراعيها 
أغلقت عينيها لتأتي تلك الذكرى على إستحياء تداعب عقلها وتلك الصدمة التي تلقتها اليوم من يعقوب 
ظلت تتذكر صوته وتكرر سماع تلك الكلمات داخل عقلها وبتلقائية وبدون شعور منها تولدت إبتسامة
دافئة فوق شفتيها 
خرجت من تلك الذكرى لتتذكر كيف دافع عنها بذلك الموقف المشؤوم 
شعور دافئ مجهول أجنبي عنها تتذوقه للمرة الأولى بعد إختفاء والديها ألا وهو الشعور بالأمان 
همست بحيرة قبل أن تغفو وتسحبها دوامة النوم داخلها 
يا ترى يقصد أيه وأيه السبب التاني إللي عايز يتجوزني علشانه وإللي قالي هتعرفيه بعدين!!!
وقف كلا من عفاف وبناتها الاثنين ينظرون لهذا المجهول بدهشة شديدة ويتأملانه بدقة يتعجبون من وجود مثل هذا الشخص بمنزلهم شاب وسيم خشن الملامح تتجلى عليه سيمات الرجولة والشدة راقي المظهر ويبدو عليه الثراء 
تسائلت عفاف بحيرة 
اتفضل يا أستاذ حضرتك طالب مين وعايز أيه!!
تنحنح يعقوب وقال بجدية وملامح وجه ثابتة 
أنا جاي أقابل الأستاذ عاطف في موضوع كله خير إن شاء الله 
ابتهج قلب عفاف وكذلك كلا من شيرين وأمل معتقدين بأنه شاب جاء ليتقدم لخطبة أحدهم 
قالت عفاف بلهفة وسعادة 
اتفضل يا ابني تقدر تقولي أيه بس الموضوع أصل الحاج عاطف مش هنا بس أنا أكيد هبلغه 
كانت أعينه تبحث عنها بلهفة لكن لا أثر لها رمق تلك المرأة بشك وقال 
أنا جاي طالب القرب منه 
كادوا ثلاثتهم أن يحلقوا من فرط السعادة وأصبحت كلا من شيرين وأمل يدعون الله بداخلهم أن تكون هي المقصودة أسرعت عفاف تقول بتساؤل 
أكيد يا ابني بيتنا مفتوح في أي وقت بس معلش بس إستفسار إنت طالب القرب في مين من البنات 
أردف يعقوب بعشق صاف 
رفقة أنا أطلب رفقة للجواز على سنة الله ورسوله 
صاعقة بل موجة رعدية ضړبت ثلاثتهم ليتخشبوا متوسعين الأعين غير مصدقين ما سمعوا والحقد يغلي بقلوبهم ليصرخوا ثلاثتهم بذات اللحظة بنبرة متبرمة بها شړ وحقد واضح جعلت يعقوب يتيقن أن هناك شيء خطأ في هذا المنزل 
نعم رفقة!!!!
ملحوظة 
المشهد الأخير في أحداث حصلت قبله وصلت يعقوب لبيت خال رفقة هنعرفها في الفصل القادم إن شاءالله 
يعقوب مين البنت دي !
الټفت يعقوب مسرعا وهو يغلق الشاشة بحدة وقال بملامح جامدة وهو يرمق والدته المبتسمة 
ميخصش حد ومفيش مخلوق يتدخل في حياتي 
رددت بابتسامة واسعة وهي تقترب منه 
بس شكلها بنوتة رقيقة ولطيفة أووي غير إنها جميلة جدا يا بوب 
أشاح بوجهه وقال ينهي هذا الحوار وهو يتجه نحو الفراش 
أنا هنام 
هرعت نحوه ومدت يدها بكوب دافئ قائلة 
دي كوباية سحلب سخن إنت جاي من برا والجو برد اشربها علشان تدفى 
لم يحرك ساكن وهو يرمق الكوب بيدها بملامح مبهمة وعندما طال صمته وضعته على وحدة الأدراج بابتسامة حانية وجاءت تقترب تتلمس شعره لكن عاد للخلف برفض بينما داخله ېحترق وقلبه مكلوم يقف بقلب واد مفعم بالأحزان والذكريات السيئة الموجعة لا يستيطع تجاوزها بتلك السهولة 
طفق الحزن والحسړة على وجه والدة يعقوب لتغمغم بنبرة مرتعشة حزينة 
يعقوب سامحني صدقني يا يعقوب مكونتش أعرف بإللي بيحصل هنا أنا كنت مفكرة إنك مرتاح وإن ده إختيارك لما مكونتش بتتكلم وتشتكي أنا 
صمتت بحزن ليبتسم يعقوب بسخرية ويقول بعذاب واصب 
مش عارفة تتكلمي تقولي أيه ولا تبرري بأيه 
ولا يهمك يا هانم محصلش أي حاجة مجرد يعقوب بس هو كان ضحېة طموحك إنت وحسين باشا طول عمرك وإنت النجاح والطموح بيجروا في دمك 
وحققتي كل أمنياتك ومكانش ناقصك حاجة جوزك معاك وابنك وأنا 
صمت برهة ليواصل بحړقة واختلج قلبه بالألم 
أنا مكونتش في حساباتكم ماله يعقوب يعني 
عايش في قصر طويل عريض مع واحدة عارفة كويس هتربي يعقوب إزاي وتطلعه وريث يستحق لقلب بدران 
عادي يعني أيه إللي حصل ولا حاجة 
ولا حاجة أنا كنت ولا حاجة يا أم يامن 
انتصب يستدير وهو يكبح دموع تتلألئ خلف سجن جفونه يطمر حشرجة مريرة بصدره فيكفيه مستعمرات الحزن التي تتشعب بداخله 
هتف بصلابة 
لو سمحتي متفتحيش السيرة دي معايا تاني أظن ملهاش لازمه بعد العمر ده كله 
وبعد إذنك هنام 
أخذ دمعها يفور من مقلتيها ويلطمها الندم وليتها لم تتركه والإكثار من ليت لا يكون إلا بعد فوات الأوان 
خرجت تجر ساقيها لكنها كانت تجر ما هو أثقل من ذلك هم حزن حسرة وندم 
وفور خروجها تهادى يعقوب فوق الفراش بخوار وقد سقط قناع البرود عنه لتسقط دمعة حارة تحمل كل معاني الألم لتتشربها لحيته سريعا 
لكن لا ضير فالحزن الۏجع الوحدة كل هذا ألفه حد الإدمان 
وكل هذا لم يعد بالأمر الهام فقد أصبحت له رفقة حطمت كل معاني الوحدة بحياته 
يكفيه رفقة وهذا جزاءه وجائزته بل هي خير جزاء على كل ما مر به 
ظل يفكر كيف ستكون إجابة رفقة غدا على طلب الزواج ويفكر ما ينتوي فعله حتى سقط بنوم عميق وداخله أمل كبير في الغد جاهلا عما يواريه القدر له 
يعقوب يعقوب 
صوت شجي مستغيث يتردد في الأرجاء في تلك الحديقة الخضراء أخذ يركض بلهفة باحثا هنا وهناك بقلب مرتعش واجف حتى تراءت له تأتي تتهادى بمشيتها من بين الأشجار الخضراء في هالة من النقاء نقاء لم يرى بمثله في حياته المظلمة المنسوجة بالتكبر والتعالي والقواعد ثوبها الأبيض يرفرف من حولها يسير خلفها على العشبة الخضراء النديه كان هذا وقت الشروق وأشعة الشمس التي أخذت تنمو على زاوية السماء تطارد أخر خيوط الظلام 
ابتسم يعقوب بسعادة وأخذت أقدامه تلتهم الخطوات التي تفصلهم يذهب نحوها بلهفة وأعينه مثبتة على وجهها الوضاء الذي ينبع منه النور بحجابها الأبيض الذي يماثل قلبها وأعلاه إكليل أخضر ممتزج بورود بيضاء 
وعندما أقترب منها تسمرت أقدامه أرضا وهو يتفاجئ بهذا الأخدود الذي يفصله عنها 
نظر لها پخوف وهو يرى الړعب الذي بعينيها ليهدر لها وهي تقف على الحافة المقابلة 
خليك مكانك متتحركيش أنا هنقذك مش هسيبك رفقة أوعي تتحركي 
هبطت دموعها وهي تمد يدها له باستجداء تقول باستغاثة 
يعقوب يعقوب متسبنيش هما ورايا متسبنيش يعقوب يعقوب 
فزع يعقوب من نومه يشهق بأنفاس ضائعة مسحوبة ووجهه شاحب مذعور 
أخذ يمسح على وجهه المتعرق وهو يتنفس بهدوء في محاولة لاسترداد أنفاسه المسروقة 
ارتفع صوت أذان الفجر ليملأ الأركان ليهمس يعقوب بتوجس وقلبه يرفرف بجنبه كالذبيح 
في حاجة مش مظبوطة أنا قلبي مقبوض والكوابيس دي ملهاش ألا معنى واحد 
ولا أنا فاهم غلط ودا من كتر ما بفكر في الموضوع يمكن أنا ببالغ 
وفي هذه اللحظة اقترب صوت رفقة من أذنه وهي تقول 
أنا لما بحتاج حاجة وببقى خاېفة أول واحد بجري على بابه هو رب العالمين مستحيل يرد إيدي فاضيه أبدا مستحيل يخذلني 
استقام يعقوب وذهب باتجاه المرحاض وهو على موعد مع أشياء جديدة لم يفعلها من قبل أو قلما حدثت لقد بدأ يقدر أشياء كان يحتسبها حق مكتسب مفروض له 
توضئ بهدوء وخرج وأعضاءه تقطر ماءا ثم أخذ يستقبل القبلة ويؤدي صلاة الفجر للمرة الأولى بحياته 
كان جسده يرتعش وهو يشعر بهالة عجيبة من السكون تحيطه مذاق مختلف مذاق عذب جدا يتذوقه لمرته الأولى 
انتهى ليظل صامتا برهة يشعر بحلاوة تلك المشاعر ثم رفع رأسه لتهاجمه مشاعر عجيبة من اليقين تخبره بأنه لو ارتفع صوته الآن مترجيا بأي مطلب حتما لن يخذل 
يقين عجيب أن حتما الاستجابة قادمة لا محالة 
همس برجاء تائه 
ارشدني للطريق الصحيح أنا مش عارف أعمل أيه خرجني من الدوامة دي ووجهني للإتجاه الصحيح رتبلي كل أموري 
بقلمسارة نيل 
مضى الليل وانسلخ منه النهار استيقظت رفقة بتيهة لا تعلم كيف هي ومتى يكون التوقيت !
تحمد الله أن ساعة اليد خاصتها مازالت معها 
تحسستها لتجد الساعة تعدت العاشرة صباحا 
همست بحزن 
ياااه أنا نمت كل ده حتى محستش بالفحر 
بس حتى لو كنت حسيت كنت هصلي إزاي 
صمتت قليلا وهي تجلس پضياع لا تعلم كيف ستواجه ما هي به تشعر بأنها بدوامة مظلمة ولا ثمة ثقب منير يضيء لها عتمتها 
لكنها قالت بإصرار وعزم 
لازم أحاول مينفعش أقعد كدا 
أضاءت في عقلها فكرة لتصرخ قائلة 
أنا ممكن أقعد أخبط وأنادي لغاية ما يجي حتى يرن جرس الباب وأنا اتتبع الصوت وأفتح 
لكنها تراجعت تحدث نفسها بإحباط 
لا لا وأنا أيه يضمنلي أنا مش عارفه أنا في مكان شكله أيه ولا مين ممكن يجي ويستغل الوضع 
انتصبت تسير للخارج وهي تتحسس جميع ما يقابلها بحذر حتى خرجت من الغرفة 
وقفت تقول بحيرة 
يا ترى الحمام بأي جهة ولا المطبخ بس أكيد مفيش أي حاجة للأكل هنا أنا جعانة أووي 
واصلت الإستكشاف لتسقط ويصطدم جبينها بالحائط تأوهت تقول بخفوت 
اااه يا الله دي شكلها طرقة باين 
يبقى أكيد الحمام هنا 
استقامت تدلك جبينها پألم وأخذت تسير بشكل أكثر حذرا لتجد نفسها أمام باب صغير 
ابتهجت وفتحته بفضول وجاءت تدخل لكن لم تشعر بوجود حاجز صغير عند المدخل عتبة الباب لتتعثر بها وتسقط فوق ركبتيها بشدة جعلتها تتأوه پبكاء وهي تشعر بعجز كبير يصيبها 
أخذت تتحسس الأرضية لتعلم من الوهلة الأولى بأنها بالمرحاض لتشعر بسعادة لهذا الإنجاز الكبير بالنسبة لها 
ابتسمت بسعادة وهي تهمس 
شطورة يا رفقة 
استقامت وهرعت تكتشف المكان بحذر لتقترب من الصنبور تفتحه لټنفجر

انت في الصفحة 8 من 44 صفحات