من تكرار هذا السؤال _ يا أحمد أنت عارف أن البحث بتاعي عن حالتها .... البنت كانت قربت تخف خلاص وكان لازم تفضل تحت عيني وادرس كل تصرف بيحصل منها ... مش بسهولة ألاقي نفس الحالة وابدأ معاها من جديد ! زفرت بضيق شديد وهي تنظر لدفتر بين يديها...ثم فتحته لتجد بعض الجمل التي دونتها سابقا قبل أن تختفي الفتاة .... رددت بصوتها ما وقعت عينيها عليه أولا ... _ P T S D.... حرك أحمد يديه على المقود بينما انتبه لما قالته فانكمش حاجبيه بعدم فهم ...وتساءل _ بمعنى... !! أجابت مروة بنظرة شاردة بعض الشيء _ أضطراب الكرب التالي للصدمة ..... حسها على المتابعة كنوع من أشغال الوقت بالحديث حتى يصلها للمنزل ويطمئن عليها ...فشرحت مروة _ أضطراب شرس... بيجي بعد صدمة عڼيفة حد اتعرضلها ومقدرش يتكلم عنها... الاضطراب ده خبيث جدا .... تخيل أن ممكن ما يظهرش غير بعد سنين من الصدمة ! أضافت بتوضيح أكثر _ لو اتملك من حد بينهش فيه ...بيدمره نفسيا ...
بيعمل أحتراق نفسي للأنسان ... بين ذكريات عڼيفة بتمر قدام عنيه حتى في الأحلام ...وبين ذاكرة مشوشة ممكن يفقد منها جزء بمنتهى السهولة ..... يعني تبقى فاكر حاجة حصلت من سنين بمنتهى الوضوح ...وتنسي كلت إيه امبارح ! قال أحمد بتعجب _ أزاي ! ما هو يأما فاكر أو ناسي ! قالت مروة باستفاضة _ ده أضطراب يا أحمد... يعني توقع فيه أي شيء...مش كل المرضى فيه بينسوا حاجة من حياتهم ....إلا لما الاضطراب ده بيحتد جدا ...لدرجة أنه ممكن يخليهم يفكروا في الأنتحار أو أذية نفسهم بأي طريقة.... نظر أحمد للطريق أمامه ثم قال فجأة _ ياااه....فعلا المړض النفسي أخطر بكتير من
العضوي... قالت مروة بابتسامة ساخرة _ المړض النفسي حاجة كده زي الباب اللي بيدخل منه الأمراض العضوية....لو الباب ده اتفتح تحت تأثير نفسية صفر ...يبقى يا
مرحب بالأمراض من كل حدب وصوب ! ثم أضافت بأكثر جدية _ التشوه النفسي ... أصعب نوع من الأمراض النفسية قابلني... التشوه النفسي بيولد شبح مظلم جوا الانسان...بيخليه مش شايف الأمل...الحياة...الخير... تركيبة كده من كل أضطراب.... بنوا انسان شايف أنه ما يستاهلش أي شيء.... تخيل أن انسان يستخسر في نفسه أنه يفرح! تخيل انسان
في أمس الأحتياج للدعم ..وميقدرش يطلبه غير بصعوبة جدا ومش لأي حد كمان أنا اديت ورد ورقة وقولتلها ارسمي الکابوس اللي بتشوفيه وارسمي النهاية اللي شيفاها هتريحك للكابوس ده..... تساءل أحمد باهتمام بالغ _ ورسمت إيه نظرت مروة لدفترها مرة أخرى وصمتت بشرود ... بعدما حملها إلى أحد غرف المشفى تحت أنظار الجميع ...وضعها على فراش بالغرفة برفق...وهي تغمض عينيها بتقلصات تظهر على ملامحها ودموع تأبى التوقف!! أتى خلفه عدد من الممرضات فأمرهم بأتخاذ الإجراءات الطبية السريعة لتلك الحالة من الإغماء..... وقف ثابتا يراقب ملامحها المعذبة حتى في تيهتها هذه ...! أخبرته أنها انفصلت عن زوجها.... وأخبرته أن ينساها ويتركها لحال سبيلها !! هل لتلك الدرجة تتعذب بذلك الأنفصال ! هل أحبته لتلك الدرجة ! لن ينساها ...يعرف ذلك ....كانت محاولات النسيان في بعدها ارحم بكثير من الآن ... ولكن لابد أن يبتعد .... فقد أختارت الفراق مرتين ...! خرج من الغرفة بخطوات واسعة ...حتى قابلته الممرضى منى وهي تحمل الصغيرة ريميه والصغيرة تبك بشدة من فقدانها لأمها.... وقف ينظر لها حتى قالت الممرضة له _ أنا أسفة يا دكتور ...بس هي رفضت أجيبلها أي أكل من هنا وطلعت تجيب أكل من برا ....لسه عارفة دلوقتي أن حضرتك رجعتها .... كانت نظرة وجيه على وجه الطفلة فقال _ روحي شوفيها ...وهاتي البنت دي لحد ما تبطل عياط .... أعطته
الطفلة وذهبت لغرفة ليلى .... في مكتبه ..... وضع الصغيرة على المكتب بينما هي كانت تمسح عينيها بقبضتها الرقيقة من الدموع ...قال لها بصوت خاڤت _ بطلي عياط...ماما بخير....جاية دلوقتي.. هدأت الطفلة ببطء ثم قالت بصوت متهدج _ عايزة ماما ... نظر لها
وجيه بتنهيدة ... هو يريد نفس الأمر. للأسف....دلفت أحدى الممرضات للمكتب وقالت لوجيه _ د. حسن صالح ... دكتور العناية وصل يا دكتور .....تفاجئ وجيه مما فعلته حقا...ربت على رأسها بحنان وقال بحيرة _ مالك يا ريميه ! بكت الصغيرة وجيه وكأنها ترى شبحا....ولكن إن لم تكن ترى بالأساس فأي شيء جعلها تنتفض هكذا بشكل مفاجئ ! تعجبت الممرضة مما فعلته الصغيرة لدرجة أنها شكت بنفسها أنها أخافتها بدخولها السريع للمكتب...فقالت معتذرة _ أسفة يا دكتور مش قصدي والله ... هز وجيه رأسه بتفهم حتى غادرت الممرضة وأغلقت الباب خلفها ....ترك الصغيرة تلتمس منه الحماية ثم ربت على رأسها بحنان أبوي وقال بتأكيد _ مټخافيش ...أنا هنا.... تأكد لدى الصغيرة ظنها البريء