أنا لها شمس
فقد خلقت واقټحمت داخله وبدلت ثوابته بل وغيرت حياته بالكامل لكنه مازال يكابر على الأقل أمام الأخرينحتما سيخبرها لكن بعد أن يضمن موافقتها على الزواج منه وحينها سيعلنها زوجة له أمام الجميع
مفيش فايدة فيك يا فؤاد يا علامعمرك ما هتبطل غرور نطقتها نكاية به ليقهقه قائلا بمشاكسة
تربيتك يا دكتورة
رمقته باستنكار ليسترسل مصححا وصفها
قالت بإبانة
شتان ما بين الثقة بالنفس والغرور يا جناب المستشارخيط رفيع بيفصل بينهم ياريت تاخد بالك منه
ابتسم بهدوء ليجيبها بنبرة جادة بعيدا عن مزاحهم
متقلقيش يا دكتورة انا تربية جناب المستشار علام زين الدين ودكتورة عصمت الدويري
تنفست بهدوء لتقول بعيني متأملة
يارب ياماما نطقها بتمني جعل داخلها ينتفض فرحا فتلك هي المرة الاولى التي لا ينزعج من ذكر الموضوع بل والادهى هو تأمينه خلف دعائهااشتدت سعادتها وتيقنت صدق حدسها لكنها كظمت شعورها بداخلها كي لا تثير حنقه ويرجع ذلك لفهمها لشخصية صغيرها العنيد فأكثر ما يثير غضبه هو خوض الاشخاص بما يخصه والتجول بخصوصياته
يجلس دكتور أحمد مقابلا زوجته الجميلة سالي يتناولان الطعام وهما يتحدثانوأثناء حديثيهما سألته عن حالة والد إيثار وما إن حدث بها تطورات أم أن الحالة تنتكسليجيبها شارحا الوضع لتقول متأثرة بملامح وجه ارتسم عليها الأسى
يا حرامتلاقي إيثار زعلانة جدا على بباها
أجابها مؤكدا
حزنت لأجلها لينطق بعجالة وهو يمضغ الطعام وكأنه تذكر للتو
نسيت أقول لكتخيلي مين جالي المستشفى النهاردة وسأل على بباها
قطبت جبينها للحظة لتهتف متذكرة حديث والدة زوجها
إوعى تقولي فؤاد علام
ضيق بين عينيه متعجبا ليسألها باستغراب
ليستطرد ما حدث متعجبا
ده انا نفسي مش مستوعب إنه يجي لي ويسألني على حالته لا ويطلب مني ارشح له دولة متقدمة في علاج المړض ده علشان يسفره يتعالج هناك على حسابه الشخصي
بملامح وجه مذبهلة قالت بعدم استيعاب
للدرجة دي ده على كده كلام طنط نيللي طلع صح
مضغ ما في فمه سريعا وابتلعه ليسألها مستفهما
كلام إيه ده اللي قالته ماما!
إسمع يا سيدي اخر نكتة
لتسترسل متهكمة وهي تهز رأسها بطريقة مسرحية
قال إيه فؤاد علام زين الدين بوظيفته ومنصب بباه واسم عيلته الكبير اللي يخض أي حد يسمعه
لتتابع بتقليل من شأن الاخرى متبعة ذاك التفكير الطبقي الذي عفى
عليه الزمن
بيحب إيثار مديرة مكتب بباك
اتسعت عينيه للحظة حتى استوعب الفكرة لا للتقليل من شأن إيثار لكن لغرابة الفكرة ذاتها لينطق بنبرة متعجبة
معقولةطب وإيثار هي كمان بتحبه ولا القصة من طرف واحد
جحظت عينيها لتقول بعنصرية
إنت هتجنني يا أحمدهي المشكلة في إن إيثار تبادله الحب ولا في الفرق الطبقي الرهيب اللي بينهم
واسترسلت بتعالي
تفتكر واحد زي علام زين الدين ومراته هيوافقوا إن إبنهم يتجوز مديرة مكتب!
وليه يرفضوا البنت محترمة جدا ومثقفة ومفيش حاجة تعيبها قالها بلامبالاة لتسأله
بعقلانية وحسب تفكير تلك الطبقة بل والكثير من شعوبنا العربية
النسب مش شخصين ارتاحوا لبعض يا دكتورالنسب عبارة عن عيلتين لازم يكونوا متطابقين فكريا وماديا وثقافياتفتكر عيلة إيثار البسيطة ممكن تندمج فكريا وثقافيا مع عيلة الزين لو دار بينهم حديث
أجابها بتبسيطا للأمور وهو يتابع تناول طعامه
محدش بيفكر بالطريقة المعقدة دي الوقت يا قلبيالعالم اتطور والناس تفكيرها اتغير ومبقوش بيعقدوا الدنيا زي زمانالناس بتاخد الأمور ببساطة
بيتهئ لك يا حبيبيوبكرة هفكرك لو فؤاد علام اټجنن وفكر يرتبط فعلا بإيثار قالتها بتحدي لتسترسل وهي تهز رأسها بابتسامة ساخرة
ده إذا مكانش بيتسلى بيها
لم ينل حديثها استحسانه لينطق بنبرة صارمة
إيثار مش من النوع ده وإنت عارفة كده كويس يا ساليياريت تقفلي الكلام في الموضوع ده لاني محبتش اسلوبك وطريقة كلامك عنها
واسترسل باستهجان
بصراحة صدمتني طريقة تفكيرك الرجعية
هزت رأسها بذهول من مهاجمة زوجها لتقول باستغراب
إنتوا ليه كلكم فاكرين إني بهاجم إيثار او بقلل من احترامها انا بتكلم من وجهة نظر المجتمع اللي حضرتك وطنط نيللي مغيبين عن تفكيره
سالي نطقها بحزم مع نظراته التحذيرية لتفضل الصمت وتتابع تناول الطعام بعدما تيقنت وصول زوجها للحد الذي يجعلها ترتاب
بعد مرور اربعة أيام
كانت بمكتبها تتابع عملها بتركيز شديد ومهنية لتنهي ما عليها سريعا كي تذهب إلى والدها لتطمئن عليهأما أيمن فبرغم اعتراضه على تركها لوالدها إلا أن حضورها لمقر الشركة يشعره بالأمان والطمأنية على كفاءة سير العمل حيث بات لا يأمن ولا يطمئن إلا من خلال التعامل معهاوأثناء مزاولتها للعمل والإندماج به وصل اتصال هاتفي من أحمد أبلغ به والده أن غانم قد ساءت حالته كثيرا وتم نقله لغرفة الإفاقة وطلب حضور ابنته على الفورطلب أحمد من والده إبلاغ إيثار وإحضارها للمشفىأبلغها أيمن ليرتعب داخلها هلعا على ابيهاطلب أيمن من السائق الخاص به إيصالها للمشفى وبالفعل بغضون النصف ساعة كانت تهرول داخل رواق المشفى بقلب منتفض وسيقان مرتعشةوصلت إلى غرفة الإفاقة وجدت والدتها وشقيقاها عزيز وأيهم يتطلعون من خلال الحائط الزجاجي على ذاك الماكث بالداخل فوق التخت الخاص تطلعت عليه لتشهق بصوت يدمي القلوب وهي تنظر عليه وعلى صدره الموصل بكثيرا من الأجهزة والخراطيم وجهاز التنفس الإصطناعي الموضوع علي فمه وأنفه خرج أحمد من الغرفة ليسرع الجميع إليه ليسأله عزيز بارتياب
أبويا ماله يا دكتورده كان كويس إمبارح
بوجه حزين أجابهم
كل ده متوقع وانا بلغتكم بيه قبل كدهللاسف الحالة بتتدهور بوتيرة أسرع مما توقعنا
سألته بصوت يرتجف وحروفا متقطعة ترجع لشدة هلعها
يعني إيه يا دكتور!
رفع منكبيه لأعلى ليجيبها بأسى
يعني تجهزوا حالكم لأسوء الإحتمالاتممكن منوصلش لمرحلة الغيبوبة
لطمت منيرة وجنتيها وسالت دموعها ليتابع أحمد موجها حديثه ل إيثار
إدخلي له يا إيثار لانه طلبك
وانا نطقتها منيرة بحدة ليجيبها أحمد بنبرة حازمة
مش الوقت يا افندم المړيض تعبان وهو اللي طالب يشوف بنته ومصر على طلبه لولا كده مكنتش هسمح بدخولها لان الحالة حرجة
حول بصره إلى الممرضة ليتابع قاصدا إيثار
خديها للتعقيم وجهزيها علشان تدخل عند المړيض
انسحب لمكتبه وبعد قليل ولجت لغرفة الإفاقة بعدما ارتدت اللباس الخاص بالتعقيمتحركت بساقين مرتعشتين حتى وصلت إلى مكوثهأمسكت كفه ومالت لتطبع عليه كفه ليزيل به جهاز التنفس الإصطناعي لتباغته بحديثها الرافض
سيبه يا حبيبي علشان تقدر تتنفس كويس
بصوت متقطع نطق وهو يأخذ نفسه بصعوبة بالغة
خلاص يا بنتي الفراق وجبوقبل ما امشي والروح تطلع عند اللي خالقهالازم أطمن عليك
ارتفع صوت بكائها لتشهق بقوة ودموعها تنساب على وجنتيها
كشلالات متدفقة ليتابع بوهن شديد يوحي لوصول النهاية
إوعي تنسي اللي قولت لك عليه بخصوص حجة البيت والارض دول أمانك إنت ويوسف إوعى قلبك يحن وتديهم العقودهيضحوا بيكي علشان راحتهم يا بنتي خليهم أمانك وسندك بعدي وإوعى تأمني لأي حد منهم
خرجت كلماتها بشهقات مټألمة وهي تقول بقلب ېنزف دما
متتعبش نفسك بالكلام إنت هتصحى وهتبقى كويس صدقني ومحدش هيحميني غيرك
ابتسامة مستسلمة خرجت من جانب فمه ليخبرها بما ادمى قلبها
أنا سمعت الممرضات امبارح وهما بيركبوا لي المحلول وكانوا فاكريني نايم عرفت إن عندي المړض الخبيث وإني بمۏت خلاص
ليسترسل بيقين نابع من إيمانه
انا راضي بنصيبي الحمدلله بس مش خاېف غير عليك يا بنتي هسيبك أمانة لربنا يحميك ويحفظك من شړ نصر وولاده وأمك واخواتكوهدعي ربنا يرزقك بأولاد الحلال اللي يقفوا معاك
تنفست لتجيبه بصوت خاڤت في محاولة منها لبث الطمأنينة بقلبه
مش عوزاك تحمل همي أنا قوية وقدهمواللي خلاني أقدر أعيش واكمل
كل السنين دي هيخليني أكمل بأمر ربنا
أمسك كفها ليقول بعينين اسفتين
سامحيني يا بنتي سامحيني وإبقي افتكريني في دعواتك
نطق كلماته الاخيرة ليسعل بشدة ويبدأ الجهاز المرتبط بنبضات القلب في إخراج صوتا عاليا كإنذار لتصرخ بكامل صوتها وهي تعيد جهاز التنفس
لمكانه لتقول
إتنفس يا بابا حاول تتنفس
كان يتطلع إليها بنظرات مړتعبة هلعة وهو يتنفس بصعوبةأسرعت لتهرول باتجاه الباب لتستدعى الاطباء لتفاجئ بدخولهم بعدما استدعاهم عزيز الذي كان يراقبهما من خلف الحائط الزجاجيهتفت وهي تجذب ذراع أحمد
بابا بابا مش قادر يتنفس إلحقه يا دكتور
جذبها من ذراعها واتجه بها نحو الباب وهو يقول
اخرجي علشان نشوف شغلنا
صړخت وهي تقول برفض
مش هسيب بابامش هخرج قبل ما اطمن عليه
أشار لإحدى الممرضات لتجذبها للخارج وهي تصرخ لتخرج وتنضم لوالدتها وشقيقاها لمشاهدة والدها الذي انتزعوا عنه ذاك الثوب الأزرق ليظهر صدره وبدأوا بوضع جهاز الصدمات الكهربائية فوق القلب في محاولة منهم لإنعاشه كرروا تلك التجربة عدة مرات بائت جميعهم بالفشل الذريع لينظر الطبيب إلى أحمد يهز رأسه بمعنى لا فائدة وإخباره بأن الحالة قد فقدت حياتهاأغمض أحمد عينيه بأسى وبدأ طاقم التمريض نزع الاجهزة عن المړيض وتغطية وجهه بالمفرش الأبيض
صړخة مدوية زلزلت جميع أرجاء المشفى خرجت من أعماق صدرها حين تيقنت فقدانها لوالدها الحنونبتلك اللحظة شعرت بهدم جدران حياتها بالكامل شعورا بالخۏف تمكن من قلبها وسيطرت الإنتفاضة على كامل جسدهاهرولت للغرفة تحاول اقتحامها والدخول لغاليها ليمنعها الجميع لكن دون فائدةفقد وصلت بالفعل إليه وازالت ذاك المفرش اللعېن ليظهر وجه أبيها وعلامات الصلاح وحسن الخاتمة تظهر فوق ملامحه الهادئةظهر وكأنه يبتسم مرحبا برحيله من الدنيا إلى الحقيقة المؤكدة بعالمنا وهي المۏت
باتت تقبل كل إنش بوجهه وهي تقول وكأنه يسمعها
متسبنيش يا بابا إوعى تسيبني يا حبيبي
واسترسلت وكأنها تستعطفه بعينيها
ما انت عارف إني مليش غيرك يرضيك تسيبني أواجه الدنيا لوحدي
بااااااابااااا نطقتها بصړاخ بعدما تيقنت مۏته لتصرخ منيرة وتعدد بكلمات مؤلمةأخرج الاطباء الجميع ليستعدوا لنقل الچثمان للغسل وتجهيزه لمسواه الأخير
وصل ايمن وزوجته بعدما أخبرهما نجليهما لتأدية واجب العزاء وبعد قليل أتاها اتصال هاتفي من فؤاد بعد أن علم بالخبر عن طريق أحمد كما أوصاه من قبلكانت تجلس بجوار نيللي وعزة التي حضرت بصحبة الصغير بعد أن هاتفها عزيز وطلب إحضاره كي يكون بجوار والدته ويخفف عنها وطأة الخبر المشؤموقفت مبتعدة لتجيب عليه بعدما كرر الإتصال اكتر من مرة وما ان فتح الخط حتى هتفت وكأنها تشتكيه مر زمانها
بابا ماټ يا فؤاد ماټ وسابني لوحدي خلاص
وكأن كلماتها نيرانا
نزلت على جسده لتشعله بالكامل وما شعر بحاله إلا وهو يقول بصوت يتألم لاجلها
الله يرحمه يا إيثار إدعي له بالرحمة يا بابا
واسترسل وهو يتابع قيادته للسيارة
مش عاوزك تخافيأنا في الطريق نص ساعة بالظبط وهكون عندك
استمعت لكلماته لينتفض جسدها ړعبا وهي تتلفت حولها فالمشفى بلمح البصر امتلئ باقربائهم وعمرو وشقيقاه طلعت وحسين الذين حضروا فور إبلاغهم عن طريق عزيز وحسب تعليمات نصرلذا صاحت بصوت ېتمزق ألما لشدة حزنها على والدها
بلاش لو سمحت يا فؤاد إخواتي لو شافوك هيسألوني